الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية في سهرة من تنظيم جمعية نشاز: قضية النساء بين اليسار والاسلام السياسي على طاولة النقاش

نشر في  15 جوان 2016  (11:18)

نظمت جمعية نشاز بدعم من مؤسسة روزا لوكسمبورغ لقاء حول موضوع «قضية النساء بين اليسار والاسلام السياسي» وذلك يوم السبت 11 جوان. واستضافت الجمعية كلا من النائبة عن حركة النهضة سيدة لونيسي ويسرى فراوس مديرة مكتب تونس للفيدرالية الدولية لحقوق الانسان. وقد جاء اللقاء الذي نشطه فتحي بلحاج يحي «حيا» بما فيه من تناقضات ومن نقد ونقد ذاتي ومن ردود أفعال تلقائية.

واستهلت يسرى فراوس المسامرة بمداخلة من منظور تاريخي ركزت فيها على أوجه الإختلاف والاصطدام بين التيارين الاسلامي (جماعة الاخوان المسلمين) واليساري (اليسار الماركسي والثورة البولشيفية). واعتبرت المتدخلة أن تناول اليسار التونسي لمسألة حقوق النساء كان في إطار ردة فعل على ظهور الاسلاميين بما يحملونه من تهديد لمكاسب النساء التونسيات التي أتت بها نضالاتهن والحركة الفكرية التنويرية في بداية القرن فضلا عن الحركة النسوية الحقوقية التي تبلورت في اتحاد الشغل في لجنة المرأة العاملة وفي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وبنادي الطاهر الحداد وتبلورت سنة 1989 من خلال بعث الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، وهي حركة تمثل امتدادا عضويا لليسار التونسي ومنهن سعاد التريكي وراضية الدريدي وليلى جراد وهادية جراد وحفيظة شقير ودرة محفوظ. وقالت فراوس انه بينما أثرت هذه العوامل على أخذ مسألة النساء بعين الاعتبار، أعاد الاسلام السياسي طرح موقع المرأة في المجتمع التونسي محاولا نسف مجلة الأحوال الشخصية بدعوته الى عرضها على الاستفتاء الشعبي .

حقوق المرأة بين حمة الهمامي والغنوشي وتجربة 18 أكتوبر

اثر ذلك واجهت فراوس بين كتابين أولهما لحمة الهمامي وعنوانه «ضد الظلامية» والذي رد فيه الكاتب على الاسلاميين وعلى نظرتهم لمجموعة من القضايا وخاصة حقوق المرأة معتبرا أن النبش في موضوع السفور والحجاب ارتداد لقضية ناقشها المجتمع التونسي في العشرينات وثانيهما مؤلف لراشد الغنوشي «المرأة بين القرآن وواقع المسلمين» الذي لطف فيه الكاتب مسألة تعدد الزوجات قائلا إنها استثنائية فرد عليه اليساريون أن ذلك بمثابة رفض العبودية ولكن باستثناءات، قبل أن تنتقل المتحدثة الى فترة الاضطهاد النوفمبري وتجربة 18 أكتوبر التي سمحت بحوار بين الاسلاميين واليساريين معتبرة أن التيار الاسلامي هو المستفيد من هذا التقارب إذ تم التوافق حول مجلة الأحوال الشخصية على أساس أنها مكسب لا يمكن التراجع عنه وحول المنشور 108 المتعلق بمنع الحجاب في الفضاءات العمومية وتم الإتفاق على أنه ضرب للحرية وتعسف على المرأة وأنه يجب الغاؤه وسيكون لذلك الأثر سنة 2011 فمباشرة بعد قيام الثورة ألغي المنشور 108، بينما تم الابقاء على النقاط الخلافية وهي المساواة في الإرث ونقطة رفع التحفظات على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة مشيرة في الأخير الى تصدي الحراك المدني النسوي والحقوقي وأحزاب مثل المسار -الذي احترم قاعدة التناصف الأفقي والعمودي في قوائمه الانتخابية-  لمشروع أسلمة التشريع التونسي .
واعتبرت فراوس أن الاسلام السياسي لم يحقق مكاسب تشريعية فقد تم تحقيق التناصف مثلا رغم تردد اليسار، وحاولت النهضة فرض التكامل في الدستور لكن وقفة عديد النساء والرجال التونسيين حالت دون ذلك.
وأنهت مداخلتها قائلة إن اليسار تراجع بخطوات امام اليمين واستشهدت بكلمة الشاعر أولاد حمد: «نحن نؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة وهم يعتبرون المرأة ناقصة عقل ودين... نحن نتعرف على النساء من وجوههن وهم يتعرفون على النساء من شواهد القبور».

من خصوصيات التجربة التونسية

من جهتها تولت نائبة النهضة سيدة لونيسي تقديم مقاربة بعيدة نوعا ما عن جذور الحركة حيث نفت الارتباط بحركة الاخوان المسلمين قائلة «لست الناطقة الرسمية باسم هذه الحركة». وتحدثت لونيسي عن خصوصيات التجربة التونسية وتشريعاتها التي طبعتها شخصيات مثل الطاهر بن عاشــور والحـــبيب بورقيبة الذي قالت عنه إنه «مؤسســنا المشتـــرك» «notre fondateur commun» والمناضلة بشيرة بن مراد وعوامل أخرى مثل الصداق القيرواني الذي يفرض عدم تعدد الزوجات والتيارات الإشتراكية الأولى التي نادت بتحرر المرأة في العشرينات. كما عرجت لونيسي على فترة حكم بن علي التي قالت إنّ النظام وظف فيها قضية المرأة لتنميق صورته على الساحة الدولية مع التعتيم على ما كانت تتعرض له راضية النصراوي من عنف وما كانت تعانيه نساء المساجين السياسيين وبناتهم من اضطهاد.
واعتبرت المتدخلة أنه خلافا لما قالته نظيرتها فإنّ حركة النهضة حققت مكاسب بالنسبة للمرأة إذ انها صوتت على نصوص في الدستور تدعم حقوقها.

نائبة النهضة تشيد بتجربة حزب المسار في التناصف الأفقي

وناصرت لونيسي التوجه الذي ينادي بالتخلي عن الايديولوجيات والاستقطاب اليساري-الاسلامي مستشهدة بسناء بن عاشور (قالت إنّها مثال يحتذى به) وبإلهام المرزوقي ومنية بن جميع -وهي الوجوه المحسوبة على الحركة التقدمية النسوية- ومشيدة بتجربة حزب المسار بخصوص التناصف الأفقي. ودعت المتحدثة في هذا السياق الطبقة السياسية –بمختلف مشاربها- الى النظر في الظروف الاجتماعية المتدنية التي تعيش فيها عديد التونسيات والعمل على إيجاد حلــول لها (des modes d'engagement commun)  مثل مشكلة النساء المحرومات من بطاقات الهوية والنساء ضعيفات الحال اللاتي يطالبن بوسائل لمنع الحمل. وأضافت لونيسي أن الوجوه الدعوية في الحركة لم يعد مسموحا لها بتمثيل الحركة على المستوى السياسي.
تلا ذلك نقاش مع الحضور ومن نقاطه الخلافية موقف النائبة لونيسي التي ذكرت انّ راشد الغنوشي تطور في فكره، فهو ليس بغنوشي السبعينات بينما ذكّرت يسرى فراوس باعتزاز الغنوشي بابن الباز سنة 2008 معبرة أيضا عن خيبة أملها من النائبات اللواتي لم يساندن مشروع قانون التساوي في المنابات -لا من حركة النهضة ولا من الجبهة الشعبية- متسائلة عن جدوى الانتصار للقطيع الانتخابي..
فتحية لجمعية نشاز على مبادرتها التي فتحت أبواب الحوار بلا اقصاء.

مواكبة: شيراز بن مراد